ديـواني الشعري

حلب.. في العالم العلوي

 

سأخبر الله.. ثمّ انسابت المقلُ

معْها بريدٌَ إلى جوف السما يصلُ

 

كأنما وهي تُعْمِي الأفقَ نظرتُه

يُحدّق الدهر في عينيك لا المقلُ

 

سأخبر الله.. والأخبار في لغة الطـ

ـطفولة اليوم قد شاخت بها الجُمل

***

 

سأخبر الله عن صحبي الألى طُردوا

من البراءة.. من روضاتها فُصلوا

 

عن أهل حارتنا.. كانت مساكنهم

فأصبحوا طللاً  يبكيهمُ الطللُ

 

من فوقهم ظُللٌ من نار قاصِفِهم

ونارُ بردِ الشِتا من تحتهم ظُللٌ

***

 

سأخبر الله عن قوم إذا ارتفعتْ

راياتُ حيّ على إسلامكم ثَقِلوا

 

عن قول قائلهم حين انتخيتُ بهم

“اذهب وربك للباغين فاقتتلوا”

 

وقال فينا وقد لذنا بغيرهمُ

ما لم يقل مالكٌ في الخمرِ والأُوَلُ

 

وإن هَزَزْنا جذوعاً في ضمائرهم

تَقَوّسَ الظهر حتى اسّاقط البصلُ!

 ***

 

يوماً سأخبره عن أمةٍ جُبلت

على السماء وقومٍ في الثرى جُبلوا

 

وأننا حين نُسقى العزّ نلفظه

وإن مُنحنا فُتات الخُبز نحتفل

 

وكلّما علّمَ الجلّاد في فَمِنا

جرحاً دعونا بأن الجرح يندمل

 

فكيف تُطرب بعد الهُون أغنيةٌ؟

أم كيف يَعذُب بعد الذلة الغزلُ؟

 

نَرثي عليّا صلاحاً والزبير وقد

طال الرثاء على أطلال من رحلوا

 

رجالنا بين أرحامٍ ومقبرةٍ

كأنما ليس في أحياءنا رجلٌ

سأسأل الله هل نصرٌ هناك؟ فقد

أضحى يُشَكِّكُ في إيماننا هُبَلُ

.

فليس أكثر من آجالنا ألماً

إلا الذي من بلاهُ يُطلَبُ الأجَلُ

 ***

وعن بلادي التي من فرط ما انقصفت

على العباد تساوى السهل والجبلُ

 

تقاسم الفرس والرومان قصعتها

في حانة كان فيها يَعْرُبَ النُدُل!

 

وأمةً أمةً في خِدرها دخلوا

حاديهمُ لِحماها الجار والأهَلُ

 

وُلاتُنا لُطِّختْ أثوابهم بدمٍ

لو مسَّ فرعونَ بعضُ منه يعتزل

 

لكنّهم وبني أعمامنا معهم

-حاشاك يارب- لا خوفٌ ولا خجلُ

***

يوماً سأخبره عن سيف “حيدرَ” أنْ

في صفّ “مَرْحَبَ” صار اليوم يشتغل!

 

عن راية للحسين الطهرُ ثورَتُه

رفَّت بجيش يزيدًٍ.. باسمها قَتلوا!

 

عن ثورة نَخَلَتْ كل العمائم من

كلّ المذاهب حتى تُنخلَ المِلل

 

إما مع الله أو في صفّ شانئه

فما هنالك يوم الحرب “معتدل”!

***

 

لله شعب على أكتافهم حملوا

نعشَ الشهادة لمّا أشفق الجبل

 

وسيّروا الدم قرباناً لأمّتهم

كما إلى الله زلفى تُنحر الإبل

 

“قيل الطعان فقالوا تلك عادتنا

أو تنزلون فإنا معشرٌ نزل”

 

ما أخرجَ الشام من جالوته أسداً

إلا ليَخرُجَ من طالوته بطلُ

***

 

سأخبر الله.. ثم انسابت المقل

معها بريد إلى كل الورى يصل

 

لكل من ثُكلوا.. من كل مَن قتلوا

لكل من خَذلوا.. من كل من خُذلوا

***

 

أمسكت كفّيهِ لكن روحه سَبَقت

إن الصبيّ إلى ألعابه عَجِلٌ

 

له الجنان تبدّت عبر نافذةٍ

يشفّ منها الربيعُ الطلقُ والنُزل

 

ناديته في قطارٍ من ملائكةٍ

يا أيها الطفل.. أو يا أيها الرجل

 

ماذا هنا في حماها؟ قلت، قال: هنا

شامٌ جديدٌ بأهل الشام مُشتمل 


أرى هنا حلباً أخرى مرممةً

الكرْمُ والتين في بستانها خَضِل

 

هذي دمشق سلامٌ من صبى بَرَدى

لا دمعٌ فيها يُكَفُّ اليوم.. ولا وجل

.

هنا قد التقتا شامٌ وأندلسٌ
وطاب في غيدها التشبيب والغزل

 

أرى أكفّاً وأقداماً مُنَعَّمَةً

يهتفن شوقا: متى أجسادنا تَصِل؟

 

وكلُّ ما طاح من نخل وِمئذنةٍ

ومن رصيفٍ تشظّى قبلكم وصلوا

 

بنى بها الله فردوساً ليسكنها

الأولياء وأهلُ الشام والرسل

  

أرى هنا كلَ ما كنا نؤمله

في الأرض يوماً ولكن عافَهُ الأمل

***

عمّاه أفْلِت يدي.. الأصحاب قد بدأوا

ألعابهم وينادوني ليكتملوا

 

 

طلال الخضر

16 فبراير 2014

 

 

 

 

6 Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *